الأحد، 15 مارس 2015

مؤسس هتس كوم يكتب لموقع كل الأردن: واقع حال الحكومة والتجارة الإلكترونية في الأردن

هذا المقال كتب حصريا لموقع كل الأردن - تتطور التكنولوجيا بشكل غير مسبوق، فمتابعي أخبار التكنولوجيا يدركون تماما أن كل يوم يمر يحمل شيء جديد يمنح المستخدمين تجربة أفضل وأسهل من أي وقت مضى، ويمضي العالم نحو تقنية إنترنت الأشياء لتجعل حياة الناس أسهل وأبسط تتحكم بها كبسة زر بل ومجرد تلويح باليد لتغيير محطة تلفزيونية، أو مجرد حركة تثاؤب تجعل سيارتك الذكية تتوقف تلقائيا لتطلب منك أخذ قيلولة لتستعيد نشاطك من جديد..
العالم يتطور ويتقدّم، ومن يتابع أخبار الحكومة الذكية في الإمارات يعلم أنه لا حدود للتكنولوجيا، ومن يراقب عن كثب تطوّر الطابعات ثلاثية الأبعاد يعلم أنه قريبا جدا لن يكون بحاجة لشراء لعبة لطفله، فعليه اختيار شكل اللعبة من مجموعة خيارات وطباعتها ليستمتع بها طفله.

لم نتحدث بعد عن الهواتف الذكية والشركات المنتجة لأنظمة التشغيل والتي تتصارع لتقدم تجربة أسهل للمستخدم وفي كل يوم تحديث جديد ومزايا أفضل ومطوري التطبيقات في سباق مع الزمن لتقديم كل ما هو جديد ومسلي ومفيد.
الثلاجة الذكية تعلم الآن أن بعض اللحوم المخزنة لم تعد صالحة للإستهلاك البشري وبالتالي فإنها تدعوك لإتلافها فورا حفاظا على صحتك، ساعة أبل الذكية تقيس نبضات قلبك وضغط الدم وتحتوي على تطبيقات لقراءة معدل السكر في الدم، وفي حال وجود اي طارئ ستتصل هي تلقائيا برقم الطوارئ الذي قمت بتخصيصه مسبقا أو تستدعي أقرب صديق يتواجد فيما حولك بعد تحديد موقعه على خرائط جوجل أو here.
عالم يسير بسرعة وبذكاء لم يسبق له مثيل، وفي ظل كل هذه التطورات لابد من بعض المنغصّات كانتهاك الخصوصية والتجسس والتصيّد والإبتزاز الإلكتروني حتى أن الجريمة الإلكترونية أصبحت جريمة منظمة تقودها أحيانا أجهزة مخابرات تمتغص من أنظمة التشفير التي لا تسمح لها بالإطلاع على كل شاردة وواردة، وفي طرف آخر هناك لص ينتظر أن تنشر صورة على فيس بوك وأنت مستمتع برحلة على أحد الشواطئ ليبادر هو بسرقة منزلك الخالي، وآخر يستغل معلوماتك التي نشرتها هنا وهناك لينتحل شخصيتك ويفعل ما يفعل ليسبب لك المتاعب مع الجهات الأمنية.
أطلت في المقدمة حتى تعيش معي هذا العالم الإفتراضي قبل أن أنتقل معك عزيزي القارئ للإجراءات المؤسفة والتي سألخصها لك بنقاط لتدرك معي حجم الكارثة والفارق ما بين ذلك العالم والواقع الذي نعيشه هنا في الأردن.
لن ننكر طبعا أن تنافس شركات الإتصالات كان له أثر إيجابي في تعزيز العالم الإفتراضي وتطوّر التكنولوجيا لما نراه الآن.
- تدخل لدائرة حكومية ولا تتمكن من تسديد الرسوم عبر بطاقة فيزا الإئتمانية الخاصة بك وتضطر للبحث عن أقرب صراف آلي.
- تسأل الموظف عن معاملتك، ولأنه يستخدم نظام أوراكل عقيم ونظام تشغيل رفعت مايكروسفت يدها عنه مثل إكس بي، فإن الإنتظار سيطول حيث أن جهاز الموظف لا يساعد على منحك المعلومة في لحظة بل لابد من انتظاره ليقوم بعمل ريستارت بحثا منه عن حل لمشكلة لا حل لها.
- لابد أن تدوخ السبع دوخات سيرا على الأقدام ما بين المكاتب المختلفة والمباني المتباعدة في وقت يفترض فيه أن شبكة حواسيب موّحدة كفيلة بأن تخدمك من أي مكان وفي أي زمان .
- تشتري بطارية لحاسوبك عبر الإنترنت ظنا منك أنك ستوفر عناء البحث وبعض المال، وإذ بك تقع في أيدي موظفي الجمارك وإجراءات مقرفة في التخليص وصعودا ونزولا بين الطوابق وتدفع رسوم ربما تزيد عن السعر الحقيقي لهذه البطارية أضعاف مضاعفة وفي النهاية تحصل على بيان جمركي لا تفهم منه شيئا سوى أنك ندمت على أمرين، أولهما إصدار بطاقة إئتمانية يفترض أن تسهل حياتك، وثانيها أنك فكرت أن تستخدم التجارة الإلكترونية داخل الأردن .
- تفكر في شراء وجبة عبر الإنترنت لتوفير بعض الجهد في الذهاب للسوق في هذا الزحام، وإذ بتكلفة التوصيل مع البخشيش الذي يطلبه منك موظف التوصيل تفوق سعر الوجبة أربع مرات.
- تواجه مشكلة ما وتقوم بمراسلة الجهة ذات العلاقة عبر البريد الإلكتروني توفيرا لعناء زيارة الدوائر الرسمية وكتابة الإستدعاء والإجراءات الروتينية المملة، وبعد أن يهلكك الإنتظار وتضطر لاستخدام الإجراءات االتقليدية لحل مشكلتك، يصلك بريد إلكتروني ربما بعد شهر (إن وصلك) يرسل لك رقم هاتف لتتصل عليه ليفهم الموظف ماذا تريد بالضبط .
- يعجبك هاتف ذكي على شكل ساعة على أحد مواقع الإنترنت وتقوم بشراءه، وإذ بك ما بين تأخير شركة الشحن، والجمارك، والأمن العسكري، والرسوم المرتفعة فتضطر بإرسال فاكس للتنازل عن هذا الهاتف لصالح القوات المسلحة لإتلافها أو إعادتها لمصدرها مع دفع رسوم الشحن، فهذه الساعة الذكية أصبحت مسألة أمن قومي، بينما لو كنت ترتديها ودخلت بها الأردن عبر المطار لما سألك أحد شيئا على الإطلاق .
عموما سنكون سعداء بأن نصل لحكومة إلكترونية ذات كادر مؤهل، أنا قلت إلكترونية ولم أقل ذكية، وبالمناسبة الأمور سهلة جدا .. ربما تحتاج لتعديل وزاري !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق